الاثنين، 20 أبريل 2020

قلق الصحة



قلق الصحة

سلسة من التغريدات للإخصائي النفسي أسامة الجامع متحدثاً عن قلق لصحة

سأتحدث قليلا عن معاناة شريحة من الناس خاصة في هذه الأوقات، وهي ما يسمى ب "قلق الصحة" عندما يشعر الإنسان أن به شيء، يشعر أنه مصاب، يشعر أن الخطر قريب، مرارا وتكراراً، وجميعها مشاعر ليست حقيقية، لكنه لا يستطيع التوقف عن التفكير بذلك.

"قلق الصحة" يصنف أنه اضطراب ومعاناة حقيقية، عندما تستولي على الفرد فكرة مفادها أنه قد أصيب بالمرض، فيشعر بالخوف، فيذهب إلى المستشفى، فيقوم بمجموعة من الفحوصات، يخرج من المستشفى ليس فيه شيء، لكنه يحدث نفسه، لعلهم أخطأوا في التشخيص فيعود مرة أخرى!.

لا أبالغ إذا قلت لكم أن من لديه قلق الصحة لربما يذهب إلى عدة مستشفيات لنفس المشكلة ورغم أن جميعهم يؤكدون له أنه بخير، إلا أنه يظل يدور بين المستشفيات وفي كل مرة هناك عذر للعودة مثل أنهم ليسوا أكفاء، أو سأذهب لاستشاري بدل اخصائي، أو أجهزتهم قديمة وهكذا.

مثل هؤلاء لو حللنا ما يقومون به لديهم مشكلتين، مشكلة ذهنية ومشكلة سلوكية، السلوكية هي رغبتهم ب "التأكد المستمر"، وهنا مربط الفرس، أما ذهنيا يريدون أن يرتاحوا من كونهم "قد يكونوا مصابين" وهي فكرة مقلقة وملحّة، وهنا المشكلة وهي "وجود فكرة" مع رغبة سلوكية بالتأكد.

نصيحتي لهؤلاء، شيئين، الأولى توقف عن التأكد، أي توقف عن الذهاب للمستشفى، توقف عن قياس ضغطك بالمنزل، أو قياس حرارتك، البعض يحتفظ بأجهزة مستشفيات بالمنزل لا داعي لها، هذا ليس حرصا، بل سلوك مضطرب. لكن من يتوقف عن ذلك سزداد الخوف لديه أليس كذلك؟.

هذا صحيح، وهذا هو المطلوب، المطلوب أنك تبقى في منطقة الخوف الأولى، دعني اشرح ما يحصل، في السابق كنت تخاف "قد أكون مصابا" فتتخلص من هذا الخوف عبر الذهاب للمستشفى وهنا تشعر بالاطمئنان لكن سرعان ما تعود الفكرة من جديد!، إذن التأكد الذي تفعله لا يجدي نفعا.

فأنت تشعر بالأمان الآن لكن حالتك ستزداد سوءاً لاحقا، ما أريدك أن تفعله هو العكس، وهو ألا تذهب للمستشفى إطلاقا، وتحتاج البقاء في منطقة الخوف، لاحقا بعد عدة ساعات ستكتشف أن الخوف قد زال، لكن هل انتهت مشكلة قلق الصحة، بالطبع لا، ليس بعد.

سيعاود ذهنك إثارة قلقك من جديد، وستظهر فكرة "لعلي أكون مصاباً" وستشعر مرة أخرى بالرغبة بالذهاب للمستشفى "للتأكد" لا تفعل، ابق مكانك وانشغل في المنزل رغم خوفك، رغم رغبتك الملحة بالذهاب.لا تذهب للمستشفى، تحتاج أن تكرر ذلك مرارا في كل مرة تهجم الفكرة، ستتحسن مع الوقت.


النصيحة الثانية، حاول التفريق بين الفكرة التي في ذهنك "قد أكون مصابا" وبين الواقع الذي في ذهنك، أن تدور الفكرة في ذهنك هذا لا يعني أن الواقع كذلك، فما هو في ذهنك شيء والواقع شيء آخر، أن تفكر أنك مصاب هذا لا يعني أنك مصاب، لاحظ وكن واعياً هي مجرد فكرة لا أكثر.


الفكرة التي في ذهنك "قد أكون مصاب" لا يمكنك إزالتها لكن يمكنك عدم الاستجابة لها، دعها وشأنها دون محاولة طردها، ودون محاولة تصديقها أو التفاعل معها، مارس حياتك الطبيعية، وستدور الفكرة في رأسك "قد أكون مصاب افعل شيئا" لا تستجب لهذه الفكرة أبدا.

المسألة ليست سهلة، تحتاج أن تجتهد، تحتاج أن تكتب أفكارك وتقوم بالرد عليها، والسخرية منها ربما، وتذكر أنك لست مسؤولا عما أصابك، فلا تلم نفسك، ولا يغني ما قلت عن جلسات العلاج المعرفي السلوكي بالإضافة للعلاج الدوائي لو احتاج الأمر لذلك. أتوقف هنا، شكرا لكم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق